الأحد، 28 أبريل 2013

وجه فينوس و بوتشيلي


بالنسبة لي، لوحة بوتشيلي المفضلة هي ولادة فينوس The Birth of Venus ، و بالأخص، الطريقة التي رسم بها بوتشيلي وجه فينوس. أستغرب كيف صرف نقاد الفن كل ذلك الوقت على وجه الموناليزا، ليتركوا فينوس بوتشيلي.

في عصر بوتشيلي، عاشت في فلورنسا سيدة باسم سيمونيتا فيسبوتشي Simonetta Cattaneo de Vespucci أو سيمونيتا الجميلة la bella simonetta كما كانوا يطلقون عليها. كانت أكثر الفتيات جمالا، و في يوم وفاتها خرج أهل فلورنسا خلف جنازتها و هم يبكون شبابها الذي انقضى في الثانية و العشرين بسبب السل. يُقال أن سيمونيتا كانت على علاقة بجيوليانو دي ميديتشي، سليل العائلة المتسيدة في فلورنسا، تلك العائلة الشهيرة التي رعت الكثير من فناني النهضة كمايكل آنجلو و بوتشيلي، لهذا السبب كلف جوليانو الرسام بوتشيلي برسم أكثر من لوحة و بورتريه لعشيقته سيمونيتا الجميلة. 


رغم أن كثيرا من النقاد ينفون أن تكون سيمونيتا هي فينوس المتواجدة في لوحة بوتشيلي، و يعززون هذا الزعم بحقيقة أن بوتشيلي لم يرسم  لوحته هذه إلا بعد عشر سنوات من وفاة سيمونيتا فيسبوتشي، إلا أني متأكد من كونها الفينوس الموجودة في اللوحة. هناك تشابه واضح ما بين البورتريهات الموجودة لسيمونيتا و بين فينوس، كما أن كثيرا من المؤرخين يؤكدون عشق بوتشيلي لسيمونيتا، و أنه بقي يحبها حتى آخر أيام حياته، حيث مات دون أن يتزوج، و حيث أوصى أن يُدفن تحت قدمي سيمونيتا في كنيسة أوجنيسانتي بعد وفاته.

إذا كانت هذه النظرية صحيحة، فهذا يعني أن بوتشيلي رسم سيمونيتا من ذاكرته، بعد مرور عشر سنوات من وفاتها. انظر إلى أي بورتريه رُسم أثناء حياة سيمونيتا، و اخبرني ما الفرق بين هذا البورتريه و بين وجه فينوس؟





في البورتريه تظهر سيمونيتا كتمثال من الرخام، أرضية، لا تعابير، فقط تمثال يجسد الجمال الأرضي. و لكن وجه فينوس.. وجه فينوس موضوع آخر كلياً.. بعد انقضاء عشر سنوات من الفقد و من الحب غير المُبادل .. ما الذي أضافه خيال و حب بوتشيلي لوجه سيمونيتا؟

تظهر فينوس حزينة، حالمة، و كأنها تتطلع من عالمٍ آخر، و كأن الموت يفصلنا عنها (أو يفصل بوتشيلي عنها).. بينما الرياح تتلاعب بخصل شعرها الذهبية. انظر إلى الحب الذي رُسمت به خصلات شعرها المتطايرة،  الحب الذي رُسمت به عينيها الحزينتين، الحب الذي رُسمت به شفتيها الشاحبتين، كل لمسة ريشة مضمخة حتى الثمالة بالحب. 

لا أحفل بالصدّفة التي تقف عليها فينوس، لا أحفل بزفير و و لا بكلورس، و لا بالمرأة التي تنتظر فينوس على شاطئ البحر و معها وشاح، بالنسبة لي كل اللوحة تتركز في وجه فينوس.. بالنسبة لي هذه اللوحة تدور حول الحب غير المُبادل the unrequited love .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق